فصل: قال الشعراوي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الشنقيطي:

قوله تعالى: {مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع} الآية.
ضرب الله تعالى في هذه الآية الكريمة المثل للكافر بالأعمى والأصم، وضرب المثل للمؤمن بالسميع والبصير، وبين أنهما لا يستويان، ولا يستوي الأعمى والبصير، ولا يستوي الأصم والسميع. وأوضح هذا المعنى في آيات كثيرة:
قوله: {وَمَا يَسْتَوِي الأعمى والبصير وَلاَ الظلمات وَلاَ النور وَلاَ الظل وَلاَ الحرور وَمَا يَسْتَوِي الأحياء وَلاَ الأموات إِنَّ الله يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي القبور إِنْ أَنتَ إِلاَّ نَذِيرٌ} [فاطر: 19-23].
وقوله: {أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الحق كَمَنْ هُوَ أعمى} [الرعد: 19] الآية.
وقوله: {إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ الموتى وَلاَ تُسْمِعُ الصم الدعاء إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ} [النمل: 80] إلى غير ذلك من الآيات. اهـ.

.قال الشعراوي:

{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ}
الإيمان كما نعلم أمر عقدي، يعلن فيه الإنسان إيمانه بإله واحد موجود، ويلتزم بالمنهج الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن آمن بالله تعالى ولم يعمل العمل الصالح يتلقَّ العقاب؛ لأن فائدة الإيمان إنما تتحقق بالعمل الصالح.
لذلك نجد الحق سبحانه وتعالى يقول لنا: {قَالَتِ الأعراب آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ ولكن قولوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14].
أي: اتبعتم ظاهر الإسلام.
وهكذا نعرف أنه يوجد مُتيقِّن بصحة واعتقاد بأن الإله الواحد الأحد موجود، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم مُبلِّغ عن الله عز وجل؛ لكن العمل الذي يقوم به الإنسان هو الفيصل بين مرتبة المؤمن، ومرتبة المعلم.
فالذي يُحسن العمل هو مؤمن، أما من يؤدي العمل بتكاسل واتِّباع لظواهر الدين، فهو المسلم، وكلاهما يختلف عن المنافق الذي يدَّعي الحماس إلى أداء العبادات، لكنه يمكر ويبِّيت العداء للإسلام الذي لا يؤمن به.
وكان المنافقون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أسبق الناس إلى صفوف الصلاة، وكانوا مع هذا يكتمون الكيد ويدبرون المؤامرات ضد النبي صلى الله عليه وسلم.
وهنا يقول الحق سبحانه وتعالى: {إِنَّ الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات وأخبتوا إلى رَبِّهِمْ} [هود: 23].
هذا القول يبيِّن لنا أن معيار الإيمان إنما يعتمد على التوحيد، وإتقان أداء ما يتطلبه منهج الله سبحانه، وأن يكون كل ذلك بإخبات وخضوع، ولذلك يقال: رُبَّ معصية أورثت ذلًا وانكسارًا، خير من عبادة أورثت عزًّا واستكبارًا.
أي: أن المؤمن عليه ألا يأخذ العبادة وسيلة للاستكبار.
وكلمة: {وأخبتوا} أي: خضعوا خشية لله تعالى، فهم لا يؤدون فروض الإيمان لمجرد رغبتهم في ألاَّ يعاقبهم الله، لا بل يؤدون فروض الإيمان والعمل الصالح خشية لله.
وأصل الكلمة من الخبت وهي الأرض السهلة المطمئنة المتواضعة، وكذلك الخبت في الإيمان.
ويصف الحق سبحانه أهل الإيمان المخبتين بأنهم: {أولئك أَصْحَابُ الجنة هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [هود: 23].
أي: الملازمون لها، وخلودهم في الجنة يعني أنهم يقيمون في النعيم أبدًا، ونعيم الجنة مقيم ودائم، على عكس نعيم الدنيا الذي قد يفوته الإنسان بالموت، أو يفوت النعيم الإنسان بالسلب؛ لأن الإنسان في الدنيا عرضة للأغيار، أما في الآخرة، فأهل الإيمان أصحاب العمل الصالح المخبتون لربهم، فهم أهل النعيم المقيم أبدًا.
وهكذا عرض الحق سبحانه حال الفريقين: الفريق الذي ظلم نفسه بافتراء الكذب وعلى الله، وصدوا عن سبيل الله، وابتغوا الأمر عوجًا، هؤلاء لن يُعجزوا الله، وليس لهم أولياء يحمونهم من العذاب المضاعف.
وهم الذين خسروا أنفسهم، ولن يجدوا عونًا من الآلهة التي عبدوها من دون الله، ولا شيء بقادر على أن يفصل بينهم وبين العذاب، وهم الأخسرون.
أما الفريق الثاني فهم الذين آمنوا وعملوا الصالحة بخشوع وخشية ومحبة لله سبحانه وتعالى، وهم أصحاب الجنة الخالدون فيها.
إذن: فلكل فريق مسلكه وغايته.
لذلك يقول الحق سبحانه بعد ذلك: {مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم}
والفريقان هما من تحدثنا عنهما من قبل.
وكلمة الفريق تعني: جماعة يلتقون عند غاية وهدف واحد، مثلما نقول: فريق كرة القدم أو غيره من الفرق، فهي جماعات، كل جماعة منها لها هدف يجمعها.
ونحن نجد الحق سبحانه وتعالى يقول: {فَرِيقٌ فِي الجنة وَفَرِيقٌ فِي السعير} [الشورى: 7].
وكلمة: {الفريقين} جاءت في الآية التي نحن بصدد خواطرنا عنها؛ لأن كل فرقة تضم جماعة مختلفة عن الجماعة الأخرى، ولهؤلاء متعصبون، وللآخرين متعصبون.
ويضرب الحق سبحانه وتعالى في هذه الآية المثل بسَيِّدَي الحواس الإداركية في الإنسان، وهما السمع والبصر، فهما المصدران الأساسيان عند الإنسان لأخذ المعلومات، إما مسموعة، أو مرئية، ثم تتكون لدى الإنسان قدرة الاستنباط والتوليد مما سمعه بالأذن ورآه بالعين.
ولذلك قال لنا الحق سبحانه: {والله أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السمع والأبصار والأفئدة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: 78].
إذن فما دام الحق سبحانه قد جعل السمع والأبصار والأفئدة مصادر تأتي منها ثمرة، هي المعلومات وتمحيصها، فالحق سبحانه يستحق الشكر عليها.
ونحن نعلم أن الطفرات الحضارية وارتقاءات العلم، إنما تأتي بمن سمع ومن رأى، ثم جاءت من الاستنباط أفكار تطبيقية تفيد البشرية.
ومثال ذلك: هو من رأى إناء طعام وله غطاء، وكان بالإناء ماء يغلي، فارتفع الغطاء عن الإناء.
هذا الإنسان اكتشف طاقة البخار، واستنبط أن البخار يحتاج حيِّزًا أكبر من حيز السائل الموجود في الإناء؛ لذلك ارتفع الغطاء عن الإناء، وارتقى هذا الاكتشاف ليطور كثيرًا من أوجه الحياة.
ولو أن كل إنسان وقف عند ما يسمعه أو يراه ولم يستنبط منه شيئًا لما تطورت الحياة بكل تلك الارتقاءات الحضارية.
وهنا يقول الحق سبحانه: {مَثَلُ الفريقين كالأعمى والأصم والبصير والسميع هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} [هود: 24].
ولن يشك كل من الأعمى أو الأصم أن من يرى أو من يسمع هو خير منه، ولا يمكن أن يستوي الأعمى بالبصير، أو الأصم بمن يسمع.
وهكذا جاء الحق سبحانه وتعالى بالأشياء المتناقضة، ليحكم الإنسان السامع أو القارئ لهذه الآية، وليفصل بحكم يُذكِّره بالفارق بين الذي يرى ومن هو أعمى، وكذلك بين من يسمع ومن هو أصم، ومن الطبيعي ألا يستويان.
لذلك يُنهي الحق سبحانه الآية بقوله تعالى: {أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} أي: ألا تعتبرون بوجود هذه الأشياء.
ونحن نعلم أن الله سبحانه وتعالى قد قال لنا: {فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي فِي الصدور} [الحج: 46].
أي: أن الإنسان قد يكون مبصرًا، أو له أذن تسمع، لكنه لا يستخدم حاسة الإبصار أو حاسة السمع فيما خلقت من أجله في التقاط مجاهيل الأشياء. اهـ.

.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

{الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (1)}
{الر} قال ابن عباس رضي الله عنهما يعني: أنا الله أرى، ويقال: الألف آلاؤه، واللام لطفه، والراء ربوبيته.
{كِتَابٌ} يعني: هذا الكتاب، وهو القرآن: {الر كِتَابٌ} من الباطل، فلم يوجد فيه عوج ولا تناقض.
{ثُمَّ فُصّلَتْ} يعني: بيَّن أمره ونهيه.
وقال الحسن: أحكمت آياته بالأمر والنهي، وفصلت بالوعد والوعيد، والثواب والعقاب.
وقال مجاهد: فصلت أي فُسِّرت.
وقال القتبي: أحكمت، فلم تنسخ، ثم فُصّلت بالحلال والحرام.
ويقال: فصلت، أي: أنزلت شيئًا بعد شيء، فلم تنزل جملة واحدة.
{مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} يعني: أنزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى حكيم في أمره، خبير بالعباد وبأعمالهم، {أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ الله} يعني: نزل جبريل بالقرآن، وقد بيَّنَ فيه، ألا توحدوا ولا تطيعوا غير الله، {إِنَّنِى لَكُمْ مِّنْهُ} يعن ي: قل لهم يا محمد إنني لكم من الله تعالى: {نَّذِيرٍ} يعني: مخوف من عذابه للكافرين، {وَبَشِيرٌ} بالجنة للمؤمنين.
{وَأَنِ استغفروا رَبَّكُمْ} يعني: وآمركم أن تستغفروا ربكم من الذنوب: {ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ} يعني: وتوبوا إليه من الشرك والذنوب: {يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا} يعني: يُعَيِّشْكُمْ في الدنيا عيشًا حسنًا في خير وعافية، {إلى أَجَلٍ مُّسَمًّى} إلى منتهى آجالكم.
وقال القتبي: أصل الإمتاع الإطالة، يقال: حبل ماتع وقد متع النهار إذا طال.
يمتعكم، يعني: يُعَمِّركم، ويقال: يمتعكم متاعًا حسنًا يعني: يجعلكم راضين بما يعطيكم.
ويقال ويجعل حياتكم في الطاعة.
ثم قال: {وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} يعني: يعطي في الآخرة كل ذي فضل في العمل في الدنيا فضله، في الآخرة في الدرجات.
وروى جويبر، عن الضحاك، قال: يؤت كل ذي عمل ثواب عمله.
وقال سعيد بن جبير، في قوله: {وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ} قال: من عمل حسنة كتبت عشر حسنات، ومن عمل سيئة كتبت عليه سيئة واحدة، فإن لم يعاقب بها في الدنيا، أُخذ من العشرة واحدة، وبقيت له تسع حسنات.
ثم قال ابن مسعود رضي الله عنه هلك من غلب آحاده أعشاره.
{وَإِن تَوَلَّوْاْ} يعني: أعرضوا عن الإيمان: {فَإِنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ} يعني: قل لهم يا محمد: إني أخاف عليكم: {عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} يعني: القحط.
قال مقاتل: فحبس الله تعالى عنهم المطر سبع سنين حتى أكلوا الموتى.
ويقال: {عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ}، يعني: عذاب النار يوم القيامة.
ويقال: إنّي أخاف، يعني: أعلم، فيوضع الخوف موضع العلم لأن فيه طرفًا من العلم.
ثم قال: {إلى الله مَرْجِعُكُمْ} يعني: مصيركم في الآخرة: {وَهُوَ على كُلّ شَئ قَدِيرٌ} يعني: هو قادر على بعثكم بعد الموت.
قوله تعالى: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} قال الكلبي: يقول: يكتمون ما في صدورهم من العداوة: {لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ} يعني: ليستروا ذلك منه: {أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} يعني: يلبسون ثيابهم، يعني: حين يُغشي الرجل نفسه بثيابه، يعني: {يَعْلَمْ} ما تحت ثيابه، ويعلم: {مَا يُسِرُّونَ} من العداوات، {وَمَا يُعْلِنُونَ} بألسنتهم.
قال الكلبي: نزلت في شأن أخنس بن شريق.
وقال مقاتل: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} يعني: يلوون.
وذلك أن كفار مكة كانوا إذا سمعوا القرآن، نكسوا رؤوسهم على صدورهم، كراهية استماع القرآن، {لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ} يعني: من النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، قال: أخفى ما يكون الإنسان إذا أسر في نفسه شيئًا، وتغطى بثوبه، فبذلك أخفى ما يكون والله تعالى يطلع على ما في نفوسهم: {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصدور} يعني: ما في قلوب العباد من الخير والشر.
قوله تعالى: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأرض إِلاَّ عَلَى الله رِزْقُهَا} يعني: إلا الله القائم على رزقها.
ويقال: الله ضامن لرزقها. ويقال: يرزقها الله حيث ما تَوَجَّهَتْ: {وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا} يعني: يعلم مستقرها حيث تأوي بالليل، ومستودعها حيث تموت، وتدفن.
وروي عن عبد الله بن مسعود، قال: مستقرها الأرحام، ومستودعها الأرض التي تموت فيها.
وقال عبد الله: إذا كان موت الرجل بأرض أتيت له حاجة، حتى إذا كان عند انقضاء أمده قبض، فتقول الأرض يوم القيامة: هذا ما استودعتني.
وقال سعيد بن جبير، ومجاهد: المستقر الرحم، والمستودع الصلب.
{كُلٌّ في كِتَابٍ مُّبِينٍ} يعني: المستقر، والمستودع.
وبيان كل شيء، ورزق كل دابة، مكتوب في اللوح المحفوظ خلق من درة بيضاء.
قوله تعالى: {وَهُوَ الذى خَلَقَ السموات والأرض فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} قال ابن عباس يعني: من أيام الآخرة.
وقال الحسن: من أيام الدنيا: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء} قبل خلق السموات والأرض، لأنه لم يكن تحته شيء، سوى الماء.
قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد، قال: حدثنا فارس بن مردويه، قال: حدثنا محمد بن الفضل، قال: حدثنا أبو مطيع، عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود، قال: بين كل سماءين مسيرة خمسمائة عام، وبين السماء السابعة وبين الكرسي مسيرة خمسمائة عام، وبين الكرسي وبين الماء خمسمائة عام، والعرش فوق الماء، والله فوق العرش، بِعُلِوِّهِ وقدرته يعلم ما أنتم فيه.
وروى أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أنس، قال: كان عرشه على الماء، فلمَّا خلق الله تعالى السموات والأرض، قسم ذلك الماء قسمين. فجعل نصفه تحت العرش وهو البحر المسجور، وجعل النصف الآخر تحت الأرض السفلى، وهو مكتوب في الكتاب الأول، ويسمى اليم.
وعن سعيد بن جبير، قال: سئل ابن عباس عن قول الله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الماء} على أي شيء كان الماء؟ قال: على متن الريح.
ويقال كان عرشه على الماء، يعني: فوق الماء كقولك السماء فوق الأرض، لا أنه ملتزق بالماء.
{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} يعني: ليختبركم أيكم أحسن أي أخلص عملًا، وأزهد في الدنيا.
والاختبار من الله تعالى، هو إظهار ما يعلم من خلقه.
ثم قال: {وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُمْ مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الموت} يعني: يوم القيامة: {لَّيَقُولَنَّ الذين كَفَرُواْ} يعني: أهل مكة: {إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ} ما هذا إلا كذب بين حيث يخبرنا أنه يكون البعث.
قرأ حمزة، والكسائي: {ساحر مُّبِينٌ} بالألف، وقرأ الباقون: {سِحْرٌ مُّبِينٌ} بغير ألف.
قوله تعالى: {وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ العذاب إلى أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ} يعني: سنينًا معلومة، يعني: إلى الوقت الذي جعل أجلهم.
وقال القتبي: يعني: إلى حين بغير توقيت، وقوله: {وَقَالَ الذى نَجَا مِنْهُمَا وادكر بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ} [يوسف: 45] إنما هو سبع سنين: {لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ} يعني: العذاب، على وجه الاستهزاء، {أَلاَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ} يعني: العذاب: {لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ} يعني: ليس أحد يصرف العذاب عنهم، إذا نزل بهم في الدنيا وفي الآخرة.